بقلم عبدالغني محمد الشيخ
انسداد في شرايين الذمة
أن يرفع المواطن، أكان موظفا أو غير ذلك.. مظلمته إلى «المقام العالي»، معناها أنه لم يُنصف ويأخذ حقه لدى «المقام العادي»، فأن يتم إعادة الشكوى من أعلى الهرم إلى أسفله لتعود إلى ذات الشخص المدعَى عليه ثم يمررها على أقسام الاداره وصولا إلى رئيسه المباشر للافاده عن الشكوى .. فقد انتهي مستقبل المشتكي إلى غياهب الجب ولن تلتقطه السياره.. لأنه أضحى من المغضوب عليهم في جهازه.!.
قد يتحجج ديوان الوزارة أن مصدر الشكوى لديه تفاصيل و معلومات أوفى عن فحوى الشكوى، وعلى الأحرى عن “المشتكي” ،
فما دور صانع القرار إذن؟
أين معلوماته و قواعد بياناته و ارشيفه و أجهزته و دوائره القانونية؟
هشاشة في الفهم
ثقافة شاذة تنظيميا حين تعاد المعاملة إلى نفس الشخص الذي وقع منه الضرر.. فمن يربط حبل الود و كيف تصبح العلاقة التنظمية بين الشاكي و رئيسه ..«يحلم المشاكي أن يلاقي حقه» فيظل يعض اصابع الندم على مطالبته بحقوقه.. حتى إن لجأ إلى المحاكم فسوف يسوفون في حضور الجلسات ثم التنفيذ.
(يا أعدل الناس إلا في معــاملتي .. فيك الخصام و أنت الخصم والحكم..
أعيذها نظـــرات منك صادقـــة .. أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم).
عجيب هي ثقافة إعادة الشكوى دونما إحالتها الى جهاز مستقل للتحقيق «يقولون حفاظا على هيبة الجهاز»
لربما كانت طرف خيط يهمّ أمن الدولة لكن هيهات.. بهذا الحال الموظف المشتكي كالمستجير من الرمضاء بالنار …
سيوله في الكلام
لقد فات على مقام صانع القرار أن المشتكي غالبا هو الحلقة الأضعف، حيث لا يتوفر له ما يتاح لرئيس الجهاز ولا يملك ما يقدمه ضيافه لبعض اعضاء لجان البت في شكاوى و تظلمات الموظفين..
لجان التظلمات تدرك بأننا بشر.. نرضى و نحزن، فنحب و نكره ثم ننفي و نركن.. وبعبارة أخرى “نوضعه تحت الضرس” فيتم حرمان المشتكي من كل المزايا التي بيد المدير.
لجان التظلمات أشبه بوادي الظلمات، داخله مفقود و خارجه مولود.
اسهال في الأمانة
هل فات على صانع لجان التظلمات بأن الملف في جهة الموظف مجرد وريقات غير موثقة،
يسهل نزع و اضافة ما يشاء منها.. سواء معاملة سرية أو عادية و لا داع للتفصيل..!.
الوزير أو من في حكمه إن لم يستند على جهاز وثائق مركزي للرقابة و المطابقة ..فأوصي معاليه الاّ يصدّع رأسه بمشاكل من استرعاه الله أمانتهم، فيدعها ليوم تشخص فيه الأبصار.
إن لم يعاد النظر في إدارة حقوق الموظفين. فلا حاجة للشكوى و التظلم ..
تصلني شكاوى أبسطها استئثار موظفين في جهاز حكومي باقسام التوظيف و التدريب!.
كيف يمكن مراقبة حسابات ملايين البشر و نغض الطرف عن مراقبة موظفين لاتتناسب مداخيلهم باجورهم؟
و لماذا تُحْتَكر هذه الادارات تحتهم لعشرات السنين. وما خفي أعظم!.
معاليك : الرقابة مركزية و الأداء لا مركزي
أخيرا: جاء سياسي الى بيت رجل فقير ايام الانتخابات.. قال له “حجي“ انا جيتك اريدك تنتخبني وهذي مئة الف دينار مقدما،
أجابه “عمي” انا لا أريد المئة الف، انا انتخبك بشرط تشتري لي حمار حتى يساعدني بعيشتي انا و عيالي.
استغرب السياسي من طلب المواطن لكنه قَبِل.
فذهب المرشح الى السوق فوجد أن ثمن أقل حمار ٩٠٠ الف دينار فعاد السياسي إلى الرجل الفقير ليخبره أن أقل حمار بـ٩٠٠ الف واذا انت وحدك تأخذ ٩٠٠ الف، كيف اقدر اجمع ٢٠ الف صوت فزيد عليّ الحساب. فما اقدر .
فرد عليه الرجل الفقير: انا اردت حمار اصعد على ظهره ويساعدني بالعيشه وتقول ٩٠٠ الف كثير؟
فكيف تريد ان تصعد على ظهري اربع سنوات بمئة الف دينار ياظالم؟!