السبت، 3 فبراير 2018

كيف تواجه النزاعات في العمل بطرق مختلفة؟




إليزابيث غريس سوندرز
أتمنى فقط لو يُطرد.
كيف يمكن لأشخاص مثلنا، ممن هم عقلانيون وجيدون ومتفهمون ومتعاونون أن يغضبوا بسبب أداء بعض زملائهم في العمل، لدرجة قيام عقولنا بالتفرغ للتفكير المتواصل حول للتخلص منهم ومن الحياة والعمل وبأي طريقة ممكنة؟ كيف يخطر على بالنا الكثير والكثير من الأفكار والأسباب التي تفسر لماذا عليهم أن يتمالكوا أنفسهم ويحسنوا نهجهم، أو يخفتوا من حياتنا. ولا نهتم إن طُردوا أو حصلوا على عمل آخر أو انتقلوا لقسم مختلف أو حصل لهم أي أمر آخر، فكل ما نعلمه هو أنهم يتسببون لنا بالتوتر، ونريدهم أن يرحلوا.
ولكن ماذا لو لم يكن يتعلق مفتاح التحرر من هذا الإجهاد بهم مطلقاً، بل بنا نحن؟
من خلال أبحاثي وخبرتي كمدرب في إدارة الوقت، ومن خلال رحلتي في تأليف كتابي الجديد، "إدارة الوقت السامية" (Divine Time Management) اكتشفت أنّ الناس غالباً ما تذهب لإلقاء اللوم على الآخرين في الصراع. ولكن بدلاً من أن يحد هذا من توترها، تغذي تلك العقلية الاتهامية للآخرين من إحباطهم. ولنزع فتيل هذا الوضع والعودة إلى حالة السلام، يتوجب عليك أولاً معاينة مساهمتك الخاصة في الصراع مهما كانت صغيرة.
أتفهم أنه في لهيب تلك اللحظة، سيكون هذا آخر ما تريد القيام به. فأنت تشعر أنك بسوء المعاملة، وبأنه أُسيء إليك لدرجة أنه بات من الصعب رؤية أي علاقة لك بتلك الطاقة السلبية التي تعاني منها. ولكن عندما ننظر إلى فكرة أننا مسؤولون عن ردود أفعالنا تجاه تصرفات الآخرين، سيكون لنا حرية اختيارنا أن نكون سعداء ومنتجين، بغض النظر عما يفعلونه.
كيف يمكننا أن نترجم ما سبق بشكل عملي؟ إليك في ما يلي بعض النصائح التي يمكنها أن تقدم لك المساعدة.
أوضح بالضبط ما حدث
عندما شعرت بالعصبية لقيام شخص بتصرف ما، أو عدم القيام به، سواء أكان ذلك متمثلاً في أفكار جاءت إليك أو حتى توتر بدني، هناك على الأرجح شيء أعمق. افحص السياق الأوسع للقضية واسأل نفسك: هل حدث شيء آخر في حياتك أثّر على كيفية مشاهدتك لهذا الحدث؟ هل حدث شيء في السابق متصل بالعمل وأثّر على كيفية رؤيتك لهذا الشخص؟ هل أنت متعب أو مُجهد أو جائع أو تشعر بالحر أو تعاني بأي شكل من أشكال الضغوطات العقلية أو العاطفية أو الجسدية أو الروحية ولا تشعر بأنك في أفضل حالاتك؟ حدد أي عوامل خارجية مؤثرة عليك، وخاصة تلك التي لا علاقة لها بزميلك أو في الصراع ذاته.
استكشف سبب شعورك بالعصبية
تتعلق ردة فعلك العاطفية تجاه تصرف شخص ما بأمور داخلية خاصة بك أكثر من تصرفه هو نفسه. من خلال تجربتي، عندما أستجيب بطريقة سلبية لشخص ما، فإنه يثير شعوراً بالأذى أو انعدام الأمن أو الخوف. على سبيل المثال، إذا كنت تشعر بالثقة بشأن المشاريع التي تعمل عليها أو بعلاقاتك مع زملائك أو بشأن أداء الفريق بشكل عام، ربما تزعجك تصرفات شخص ما ولكن لن تؤثر عليك بهذا القدر، وستقوم ببساطة بالحديث معه جانباً والتواصل بشأن وضع كل ما هو كفيل لمنع تكراره مستقبلاً والتحقق من ذلك. ولكن عندما تشعر بعدم اليقين بشأن مشاريعك أو تعتقد بأنّ الآخرين يرون أداءك سيئاً في العمل، أو كنت متوتراً من أداء فريقك، فيمكن لأي مشكلة صغيرة أن تؤدي إلى إثارة توترك بأكبر شكل ممكن. وبدلاً من التواصل الهادئ مع زميلك في العمل ومحاولة تحسين الأخطاء، ينتهي بك المطاف غاضباً في وجهه أو من وراء ظهره محاولاً التخلص من المشكلة. حدد ما هو السبب الأساسي وراء شعورك بعدم الأمان والذي يتسبب في قيامك بالرد بشكل انفعالي هكذا.
اكتب مخاوفك الخاصة
تتمثل الطريقة الوحيدة لتحريرك من تلك الطاقة السلبية والغضب في علاقاتك (شخصياً ومهنياً) في معالجة مخاوفك. وأجد بدوري أنه في حال كنت مستاء حقاً من شخص ما في العمل، فإنّ أول شيء عليّ القيام به هو التراجع قليلاً ومعرفة ما إن كنت أؤدي وظيفتي بشكل جيد. والحقيقة هنا أنني في بعض الأحيان أود لو كان هناك أشياء يفعلها الشخص الآخر لاستكمال العمل، لكن هناك أيضاً أشياء يمكنني القيام بها من طرفي. عندما أحوّل تركيزي على ما يمكنني القيام به، بدلاً من تصرفات نظيري (أو الأمور التي لا يقوم بها)، فإنني استخدم وقتي بطريقة أكثر إنتاجية. كما يساعدني ذلك على إدراك أنّ العالم لن ينتهي بسبب تصرفات زميلي، رغم كل ما أشعر به هذه اللحظة. ربما أرغب، أو أفضّل، بعض النتائج المهنية، ولكن لست بحاجة ذلك لتكون حياتي على ما يرام.
التواصل بشكل واضح ومتعاطف
إذا قمت بمعالجة مخاوفك الخاصة وأدركت أنّ هناك قضايا قانونية لا تزال بحاجة إلى معالجة، يمكنك التواصل بشكل مختلف. ولكن للحصول على أفضل النتائج، ركز على التواصل المتعاطف. صحيح أنك ترغب في قول كيف تسبب ذاك الشخص في كل ما تشعر به من إحباط وإجهاد، إنما من غير المرجح أن يحل هذا المشكلة، وربما يضعه ذلك حتى في موقف دفاعي. بدلاً من ذلك، اشرح بوضوح ما حدث، وصف التغيير الذي ترغب في رؤيته والسبب. بدل أن تقول "أثار ذلك غضبي لدرجة رغبتي في التقيؤ" بقول شيء مثل "عندما قدّمت تقريرك متأخراً، عملت حتى الواحدة صباحاً ما جعلني أغيب عن مباراة ابني لكرة القدم من أجل تلبية الموعد النهائي للعميل. ولكي نعمل معاً بشكل فعال، أحتاج إلى تلقي تقاريرك في وقت أفضل". ثم انتقل إلى إيجاد حل وقل مثلاً، "نحن فريق، وأريد أن نعمل معاً بشكل جيد. هل يمكنك شرح ما حدث لنتمكن من العمل معاً لمنع تكرار هذا مستقبلاً؟".
هل توجيه إصبع الاتهام إليك سيُؤدي بزميلك إلى التحول لمثال في الإنتاجية والتخفيف من أي صراع في المستقبل؟ ربما يحدث هذا وربما لا. مررت بأوقات قام فيها من أعمل معهم بتغيير تصرفاتهم، وفي أحيان أخرى كان من الواضح أنهم ليسوا مؤهلين للمهمة وعليهم الانتقال لشيء آخر. ولكن إذا اتبعت الخطوات أعلاه، يمكنني ضمان أنه حتى لو كنت لا تحب سلوك الشخص الآخر، يمكنك أن تتحرر من ردة الفعل العاطفية تلك ضده.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهمية الرؤية والرسالة والقيم للمنظمات

تقوم كثير من الشركات التي تسعى للحفاظ على ما تحققه من مستويات عالية من النجاح باستخدام بعض المفاهيم الحديثة في الإدارة، لقد أصبح ل...