بقلم: المستشار عبدالغني محمد الشيخ
رسالة من مريض
عزيزي الممارس الصحي؛
"قد يكون هذا يوم عمل عادي بالنسبة إليك،
ولكن بالنسبة إليّ.. يوم صعب.. وربما أصعب يوم في
حياتي،
نظراتك، تعابير وجهك، نبرات صوتك.. كل هذه الأشياء
الصغيرة- في ـ هذا الوقت ـ لها أثر كبير عليّ و على نظرتي للعالم.
تذكر-فقط- أنه ليس من طبعي التشكي و إظهار الحاجة و
الخوف.
أنا هنا لأني أثق بك. فساعدني و كن على قدر الثقة!
قد أبدو لك غير ملم و غير و اعي لما حولي.. و لكني
استطيع سماع محادثتكم و نقاشاتكم.
لست معتاداً على أن يفحص أو يلمس أو حتى يشاهد جسدي أي
غريب.
اجعل ذلك حاضراً في ذهنك ..
قد تجدني غير صبور و منفعل هذا لأني أريد الخروج من
هنا بصحة و عافية و في أقرب فرصة؛
تصرفاتي معك ليست لمسألة شخصية بيني و بينك.
قد لا أتكلم لغتك بشكل جيد و لا أفهمها.. فما أنت صانع
بما ألمّ بي ؟
قد أكون هنا بمرضي لأيام معدودة.. و لكنك ستكون معي و
سأذكرك بقية أيام حياتي!
أيها الممارس الصحي، مريضك بحاجة إلى صبرك و أمانتك."
انتهى نص الرسالة
رأي الكاتب:
الممارس الصحي هو الشخص الوحيد الذي يتسلم جسدك, سواء
كنت واعٍ ام غائب عن الوعي، وقد يطلب من أهلك مغادرة غرفة الفحص لتبقى وحيدا معه!
حيث لا رقيب
عليه وقتها سوى الله ثم ضميره المهني؛
الممارس الصحي بشر أولاً ثم موظف؛
بشر مثل كل البشر،
مثلنا؛ له أحاسيس و مشاعر!
الكلمه الطيبه تمنحه طاقة ايجابيه للعطاء، و الاساءه
تربكه.
مثلنا له أسره و أبناء؛
منهم من عائلة راقيه فتراه متبسماً و آخر من اسره
متواضعه فتراه على طبيعته.
يعيش تحت ضغوط الحياه.. يفرح و يغضب،
يخطئ و يصيب!
له ما له.. و عليه ما عليه.
الممارس الصحي موظف.. له حقوق و عليه واجبات؛
إن توفرت له بيئة العمل المناسبة تراه يؤدي كما ينبغي،
فإن لم يجد ادارة جديرة تراه يجتهد بما يتوفر له..
تجده أحيانا حائر بين ضميره المهني و ادارته.. فان ادارته
احسنت عملها يبدع.. أما إن رأيته يتخبط؛ فاعلم ان لا إدارة له!
يؤذيه التجمهر كما يساعده الهدوء.
إن جودة عمل الممارس الصحي من جودة عمل الفريق المدرب
و المؤهل؛
وقته محدود للتعامل مع الحاله، فليس لديه وقت للشجار
الا ان يترك المريض يواجه مصيره كي يدافع عن نفسه..
لا تلومون الممارس إن تعذر و غاب عن عمله فان ربما يواجه
أسوأ ظروف عمل؛
قد لا تستطيع مقابلة موظف ما.. يعمل في مكتب مفتاحه في
جيبه، رائحة القهوة تفوح منه و ربما البخور ايضا، الا عبر بوابات و سكرتاريه و
حراس،
في حين تجد
الممارس في اي مكان بالمرفق الصحي.
تعودنا على الفوضى في حياتنا؛ فابتعدنا عن القيم
الاصيلة.. لذا فلا نتوقع ان تطرح لنا
الذرة رمانا.
عامل الناس كما تحب كما تحب أن يعاملونك.
أحسن إلى الناس تسعبد قلوبهم.. فطالما استعبد الإنسان
إحسانا.
رئيس مركز العقل الرفيع للاستشارات الادارية و التحول
المؤسسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق