بقلم: عبدالغني محمد الشيخ
الزعل المستمر واللوم المستمر يُميت لذة كل شيء، وإن كان من غير قصدً.. إمدحوا حسنات بعضكم وتجاوزوا عن الأخطاء ، فإن الكلام الجميل مثل المفاتيح تفتح به قلوب من حولك، فضلا
عن الأمراض العضوية و النفسية التي قد تصيب ذي النفس المتأزمة، المتوثبة للتشاجر
حتى مع الذباب الذي يقع على أنفه...
فالعقل مكيال: ثلثه الفطنة، وثلثاه التغافل،
يقول أحدهم...
بعد يوم طويل وشاق من العمل وضعت أمي الطعام أمام أبي على الطاولة
وكان معه خبز محمص،،
لكن الخبز كان محروقاً تماماً..
فمد أبي يده إلى قطعة الخبز وابتسم لوالدتي
وسألني كيف كان يومي في المدرسه؟
لا أتذكر بماذا أجبته لكنني أتذكر أني رأيته يدهن قطعة الخبز بالزبدة والمربى ويأكلها كلها..
عندما نهضت عن طاولة الطعام سمعت أمي تعتذر لأبي عن حرقها للخبز وهي تحمصه..
ولن أنسى رد أبي على اعتذار أمي..
حبيبتي:
لا تكترثي بذلك،
أنا أحب أحيانا أن آكل الخبز محمصا زيادة عن اللزوم،
وأن يكون به طعم الاحتراق..
وفي وقت لاحق من تلك الليلة عندما ذهبت لأقبل والدي قبلة (تصبح على خير)
سألته إن كان حقا يحب أن يتناول الخبز أحيانا محمصا إلى درجة الاحتراق؟
فضمني إلى صدره وقال لي هذه الكلمات التي تحتاج إلى تأمل:
يا بني أمك اليوم كان لديها عمل شاق
وقد أصابها التعب والإرهاق وشئ آخر،
أن قطعة من الخبز المحمص زيادة عن اللزوم أو حتى محترقة لن تضر حتى الموت..
الحياة مليئة بالأشياء الناقصه،
وليس هناك شخص كامل لا عيب فيه.
علينا أن نتعلم كيف نقبل النقص في بعض الأمور،
وأن نتقبل عيوب الآخرين..
وهذا من أهم الأمور في بناء العلاقات،
وجعلها قوية مستديمه.
خبز محمص محروق قليلا لا يجب أن يكسر قلبا جميلا..
فليعذر الناس بعضهم بعضا؛
وليتغافل كل منا ما استطاع عن الآخر؛
ولنترفع عن سفاسف الامور
النقد المُستمر يُميت لذة الشيء !
قال الشافعي رحمه الله:
"الكيّس العاقل هو الفطن المتغافل".
تغافل مره وتغابى مرتان فليس كل شيء يستحق الأهتمام ، لا تعطي الأمور أكبر من حجمها ، إن رأيت أمامك حجر أرمي به خلفك - وتقدم إنها ثقافة ومهارة .
قال الشاعر:
ليس الغبي بسيداً في قومهِ..
لكن سيدَ قومهِ المتغابي.
فمن شددَ نَفّر، ومن تراخى تآلف، والشرف في التغافل،
لقد ضرب الله تعالى أروع الأمثلة في كتابه
العزيز عن هذا الخلق الرفيع؛ حيث قال: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق