بقلم: عبدالغني محمد الشيخ
لم يعد يُحتمل مايحدث لأبنائنا الجنود الآمنون الأبرياء من قتل و اصابات في مواقع خدمتهم، من قبل أشخاص مسلوبي العقل و الارادة موجهين عن بعد!.
فبعد بحث ومقاربات وقراءات متعددة وجدت أن الحلقة المفقودة للإرهاب والفوضى هي البرمجة اللغوية العصبية، التي أسست لها منظمات ارهابية دولية كل مقومات التسويق و التمويل، فأنشت لها قواعد فكرية في أجهزة الدولة المختلفة، وأنها لا تألوا جهدا في تنويع اساليبها و تطوير أدوات بناء القيم التعويضية وتصديره إلينا عبر بعض المواطنين المبتعثين لدى أوروبا وأمريكا تحديدا؛ للوصول إلى غايات أكبر مما يظنها السّذج من دعاة النجاح، والذين تم برمجة قيمهم و اعتقاداتهم لتحقيق غايات خفية، ظاهرها (التنمية الذاتية..البشرية) لتحقيق التميز العلمي والوظيفي، أما باطنها فهو زعزعة العقيدة والأمن، بالإرهاب واشاعة الفوضى لدى المجتمعات المسالمة،
فانتشر هذا البلاء ببلادنا من خلال فئة من مدربي التنمية البشرية و دعاة تطوير الذات. ممن زرعتهم تلك المنظمات لنقل و ترويج هذا الفكر، أما البعض الآخر فقد استعمله في برمجة رؤسائه و زبائنه و طلابه وربما آخرون..
وإنما أسوأ نموذج للاستشهاد به لتفريخ الإرهابيين (إلا من رحم الله) في العالم العربي هي أكاديمية صناعة القادة في قطر.. والكل يعرف من يقود و يمول هذه الأكاديمية و فروعها في العالم العربي، وحينما تم تحجيم دورها تحولوا إلى التسويق الشبكي ليتم من خلاله دس السم في العسل.
هندسة العقل..هندسة النجاح..هندسة الحياة..الهندسة النفسية..ثورة العقل البشري.. حتى التسويق الشبكي، كلها مرادفات لتوجيه السلوك البشري تحت التأثير للوصول إلى مقاصد مدروسة و مجربة علميا لدى معامل جامعات ذائعة الصيت بتمويل من قبل جهات مجهولة.. الغربيون (روادها ومنشؤها) فيعرفونها بما يوضح معالم تقنياتها أكثر فيقولون أنها : "خليط من العلوم والفلسفات والاعتقادات والممارسات تهدف تقنياتها لإعادة صياغة صورة الواقع في ذهن الإنسان من مدارك ومعتقدات وممارسات وعادات وقدرات بحيث تكون داخل الفرد وذهنه لتنعكس على تصرفاته على المدى الطويل“.
إذن فالبرمجة اللغوية العصبية (بالإنجليزية: NLP) هي مجموعة طرق وأساليب تعتمد على مبادئ حسية و لغوية و إدراكية تهدف لتطوير السلوك الإنساني نحو التميز و الإبداع و التطور ومساعدة الأشخاص على تحقيق نجاحات وإنجازات أفضل في حياتهم. تحدد مدى فعالية و نجاح هذه الطرق النتائج التي تحققها.
وتتميز بأن متقن أساليبها لا يحتاج إلى مساعد خارجي فهي يمكن أن تكون بحد ذاتها وسيلة تطوير سلوكي ذاتي، من خلال تحديد خطة واضحة للنجاح ومن ثم استخدام تمرينات تطبيقية لتعزيز السلوك الأنجع ومحاولة تفكيك المعتقدات القديمة التي تُشخّص على أنها معيقة لتطور الفرد. ومن هنا جاء تسمية هذا النهج بالبرمجة،
أي أنها تعيد برمجة العقل عن طريق اللسان أي اللغة، ويبدأ المدرب بتشبيه هذه الفرضيات بالكأس الفارغ، فإن وضعت فيه نبيذ أو ماء زمزم فأنت مسؤول عن نتائج أعمالك. وكذلك السكين. إن ذكيت بها الهدي والأضحية أو قتلت بها بريئا فأنت المسؤول عن نتائج أعمالك، بينما الواقع خلاف ذلك، فالشخص الضّال المغرر به مسلوب الإرداة لايدرك نتائج أعماله !.
كان ريتشارد باندلر وجون غريندر هما أول من طرح أسلوب البرمجة اللغوية العصبية في عام 1973 باعتبارها مجموعة نماذج ومباديء لوصف العلاقة بين العقل واللغة (سـواء كانت لغة منطوقة أو غير منطوقة (جسدية) وكيف يتم تنظيم العلاقة بينهما (برمجة) للتأثير على أداء الشخص سلوكه وتفكيره. هذا التأثير قد يكون بعلم ووعي الشخص الممارس أو لاوعيه.ودراسة لبنية الخبرة الشخصية، فهي تتأسس على أن سلوك الفرد بكامله له بنية قابلة للتحديد عمليا.
لقد نشأت فرضيات البرمجة اللغوية العصبية الذي يمارسها كبار السّاسة في الغرب في منتصف سبعينيات القرن الماضي الميلادي على يد العالمين الأمريكيين جون غريندر وريتشارد باندلر الذين قررا وضع أصول البرمجة اللغوية العصبية “كعلم” جديد بتشجيع من المفكر الإنجليزي والأستاذ بجامعتي سانتا كروز (جريجوري باتيسون)، فأسهم معهم بوضع هذه البحوث كل من جودث ديوليزيلر ولزلي كامرون باندلر.
بنى جريندر وباندلر أعمالهما على أبحاث قام بها علماء أخرون أشهرهم العالمان الأمريكي نعوم شومسكي والبولندي ألفريد كورزبسكي وذلك لنمذجة مهارة كل من ملتون إركسون (طبيب التنويم المغناطيسي) وفرجينيا ساتير وفرتز برلز (مؤسس المدرسة السلوكية ،إذ أمكنهما من تفكيك هذه الخبرات والحصول عليها وقد استخرجوا 13 أسلوبا لملتون و7 أساليب لفرجينيا ومن هذه المهارات استطاعوا تحديد الوسائل الناجحة المتكررة من النماذج السلوكية للذين تعودوا الحصول على النجاح وكانوا قادرين على إنجاز هذه النماذج وتعليمها للآخرين، وهي النماذج التي سميت فيما بعد بالنماذج اللغوية العصبية والتي تكون منها هذا “العلم”. أهم ما توصل إليه هذان العالمان هو أن الناس يتصرفون بناء على برامج عقلية.
نظريات ديفيد جولدن وبات هتشنسون تعرضا لبعض النظريات و أنماط التفكير و قالا ان الأنماط التي يشكلها عقل الإنسان تمثل الطريقة التي ينظر بها إلى نفسه وإلى تجاربه وهو ما يشمل: قيمه و معتقداته: القيم؛ نوعان قيم موروثة، وقيم تعويضية. القيم الموروثة هي على الأرجح الأكثر شيوعا.. و القيم التعويضية
وهي تتشكل عندما يندفع الشخص من النقيض إلى النقيض المقابل لتعويض شئ ما تفتقده، ويدّعي أهل البرمجة أنها تساعد الإنسان على التغيير بتعليمه كيف يبرمج دماغه ، فيقولون : إننا أعطينا أدمغة ولم نعط معها دليل تعليمات التشغيل ، فالبرمجة اللغوية العصبية تقدم لك "دليل مستخدم" للدماغ. وتفصيل ذلك يظهر في أن :
• كثيراً من المشاهدات التي بنيت عليها فرضيات البرمجة اللغوية العصبية ليست لها مصداقية إحصائية، تجعلها فرضيات مقبولة علمياً، ومن ذلك تصنيف الناس بحسب ما يسمونه "الأنماط التمثيلية" وتحديد سمات لكل صنف فذلك لايعدو كونه مجرد ظنيات لم تثبت علمياً بل رفضها المتخصصون النفسيون بعد الملاحظة العلمية والتجريب فقال الدكتور مايكل هيب أستاذ علم النفس السريري بجامعة شفيلد ببريطانيا : (إن البحث العلمي فشل في دعم هذه الفرضية ) .
• الفرضيات التي تقوم عليها البرمجة تعامل وتطبق ويدرب عليها الناس باعتبارها حقائق، رغم أنها لا ترقى لمستوى النظرية، كما في فرضيات "دلالات إشارات الوصول عبر العيون.
• أغلب التقنيات البرمجية ونظرياتها المعتمدة عليها مقتبسة من مراقبة بعض الظواهر على المرضى النفسيين الذين يبحثون عن العلاج ، ثم تعمم على الأصحاء الذين يبحثون عن التميز ، فعلى سبيل المثال : لوحظ على المرضى الانجذاب لمن يحاكي تصرفاتهم ويوافق ذوقهم ويشبه حركاتهم ، ومن ثم التأثر والقبول ؛ فبنى على هذا - في البرمجة اللغوية العصبية - ما يسمى بتقنية ( الألفة ) التي مفادها أن تتبع حركة الفرد وطريقته ودرجة تنفسه ومحاكاة ذلك كله بطريقة خفية وسريعة يوجد ألفة خفية في اللاواعي ، ويتيح الفرصة للقيادة والتأثير والتحكم الذي لايعيه الفرد المقابل ولا ينتبه إليه .
ومن نفس هذا المنطلق العلمي نقد كثير من العلماء الغربيين "البرمجة اللغوية العصبية" معتمدين فقط على مصادمتها للمنهج العلمي وما فيها من الادعاءات غير المثبتة .فإذا كان رفض عقلاء الغرب لها بناء على خللها العلمي فقط ، فكيف ينبغي أن يكون رفض عقلاء المسلمين الذين يرون - علاوة على هذا الخلل العلمي - مابنيت عليه فلسفتها من مصادمة لأصول عقيدتهم ومنهجهم فبعض فرضياتها لها جذورها فلسفية متناقضة مع المعتقد الحق كما في فرضية "الخارطة ليست الحقيقة"،
كذلك فمن نقاط النقد الموجهة إلى مضمونها ، اشتمالها على بعض تقنيات فيها تشبّه بالضالين وضرر على العقل والدين ، كما في الدعوة إلى الوصول للـ "النشوة" و"الغشية" Trance عبر الاسترخاء والتنويم الذي يمثل مطلوب البوذيين :" النرفانا "!! . و"النرفانا " أو "النشوة" Trance يُقصد بها الوصول إلى حالات "الوعي المغيرة" وهي الحالات التي يحدث فيها خروج عن سيطرة العقل الواعي بطرق شتى ، ذكرت دراسات علمية أن القبائل (البدائية) – بلا دين- كانت تسعى دائماً للدخول فيها بطرق كثيرة منها: ترديد ترنيمات خاصة ، أو الدوران بصور رتيبة ، أو التنفس التحولي، أو باتباع حميات غذائية قاسية أو بتمارين التركيز . كما توصلت الدراسة إلى أن الحالة المطلوبة "Trance" هي الحالة نفسها التي كانت تصل إليها طوائف من المتصوفة والدراويش أثناء الدوران في الذكر والسماع ، كما أنها الحالة نفسها التي يصل لها متعاطو المخدرات .
وسأتجاوز الحديث عن خطورة الدعوة للتنويم الشخصي والتنويم العلاجي - بهذه الصورة المتوسع فيها ، وعلى أيدي غير المتخصصين بل وغير المؤتمنين على العقل والدين ( ودسمول ، تادجيمس ....) - عبر دورات البرمجة اللغوية العصبية وأخواتها من الوافدات ، ولكنني أؤكد على أهمية محاربة التحكم والتلاعب بالعقول ، فإن فتح مجال كهذا قد تسبب في بلاد الغرب ثم في بلادنا مؤخراً في نشوء ظاهرة ما عبر عنه بعض الغيورين من المختصين في الطب النفسي بـ "الفوضى العارمة " .
ولكي يتصور - القارئ الكريم - طبيعة التنويم وماهيته بشكل أوضح ؛ أصلِكم بأهل الاختصاص في علم النفس ، تقول الدكتورة ( لندا دافيدوف ) العالمة المتخصصة والباحثة في مجال التنويم تحت عنوان "طبيعة حالة التنويم":
" إذا نجح المؤثر في تنويم الفرد ، فإن الوعي يتغير بدرجة كبيرة ، ويبدو أن جوهر التنويم هو القدرة على الإيحاء . وهذه المقدرة على الإيحاء يندرج تحتها ما لوحظ من تأثيرات سلوكية وهي:
1.فقدان التلقائية : حيث ينخفض الإحساس والتفكير التلقائي إلى أدنى درجة ، وربما إلى درجة العدم ، ويتوقف الأفراد المنوَمين عن التخطيط لما يريدون فعله ، وينتظرون إيحاءات خارجية قبل بدء النشاط مرة أخرى .
2. القدرة على الاختيار: بينما يختار البشر دائماً من يريدون التعامل معه ، فإن الفرد المنوَم يمضي بالاختيار إلى أقصى مداه ، فقد يركز مثلا على صوت المنوِّم ويتجاهل تماماً أي أصوات أو أشكال أخرى ويزيلها نهائياً من وعيه فلا يعود يسمعها أو يراها تماماً كأنها غير موجودة .
3.التقليل من اختبار الواقع : فتحت تأثير التنويم ؛ يكف الأفراد عن مقارنة إدراكهم بالواقع كما يفعلون عادة عندما يكونون بوعيهم ، بل يميلون أثناء التنويم إلى قبول ماهو غير عادي . فقد ينطق الشخص المنوَّم – تحت تأثير ايحاءات المنوِّم – بأشياء يراها وعيناه مفتوحتان ، ويعجز عن رؤية أشياء حقيقية موجودة أمام عينيه.
4.القيام بأعمال غير عادية : حيث يقوم الأشخاص المنومون بأعمال غير عادية من تلقاء أنفسهم. فقد يتصرف البالغون – تحت تأثير التنويم – وكأنهم أطفال يمرون بخبرات ماضية .
5.القابلية للإيحاء بعد فترة التنويم : أحياناً يوحي المنوِّم بأن بعض الكلمات أو الإشارات قد تسبب إحساساً خاصاً، أو تؤدي إلى سلوك خاص بعد زوال فترة التنويم . فالمنوِّم قد يوحي لرجل سمين أن رؤيته لكعكة الشوكلاتة ستجعله يشعر بالميل إلى القيئ . وفيما بعد عندما يرى الكعكة يتجاوب طواعية ، دون أن يتذكر الإيحاءات السابقة ويميل إلى أن يتقيأ وهذه الظاهرة تسمى "الإيحاء بعد التنويم ".
6.فقدان الذاكرة بعد التنويم : وهذه الحالة من فقدان الذاكرة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحالة القابلية للإيحاء بعد التنويم . ومعناها أن ينسى الشخص المنوم شيئاً حدث أثناء التنويم إلى أن تظهر علامة متفق عليها من قبل " كطقطقة الأصابع " فتؤدي إلى عودة الذاكرة .
وتبدو التغييرات في الوعي واضحة عند الأفراد الذين هم بطبيعتهم قابلين للخضوع للمؤثرات التنويمية. أما الأفراد ذوي الاستجابة المعتدلة فيشعرون عادة بالاسترخاء وبأنهم على صلة قوية بالواقع وقادرين على استرجاع خبراتهم السابقة وقادرين على مقاومة إيحاءات المنوم إذا رغبوا في ذلك ".
والذي رأى حقيقة مايدور في قاعات التدريب على البرمجة اللغوية العصبية ، وجلسات العلاج البرمجية وما يتبعها من العلاج بخط الزمن وغيره في واقع بلاد المسلمين ، وكيف يتأثر المنوَّمين فيها بإيحاءات المنوِّمين لا يملك إلا أن يرفع صوته محذراً من خطر تقنيات البرمجة اللغوية العصبية وتدريباتها على بلادنا، ذلك الخطر الداهم الذي قد يتجاوز أموالهم إلى أنفسهم وأعراضهم وعقولهم ودينهم، بينما هم منومين بتقنيات البرمجة اللغوية العصبية ...
إذن هنا حلقة المفقودة بين السلوك العدائي الاجتماعي و الجرائم المتصلة بالإرهاب؛
الوسيلة بعض برامج التنمية البشرية و تطوير الذات منها البرمجة اللغوية العصبية والتنويم الإيحائي، و العلاج بخط الزمن، إضافة إلى دورات وبرامج التسويق الشبكي.. من مستوى المبتدئ إلى المحترف، تحت مظلة النجاح و الثراء.
ومن بين الأدوات المنشرة حديثا في بلادنا، التسويق الشبكي لمنتجات المكملات الغذائية الذي يُمارس بشكل واسع ونشرها من خلال بعض مدربي البرمجة الغوية العصبية في شكل تسويق هرمي يجري تدريب المدربين في دول أجنبية في دورات ترفيهية تسمى مخيمات النسور تقيمها وتمولها منظمات دوليه وإقليمية.
أخيراً: لا فرق بين مسلم أو غيره في تبرير استعمال الوسائل للوصول إلى غايات منظمات أو أفراد أو دول راعية للإرهاب.
المصادر ملتقى المفكرين العرب شذرات، وكيبيديا، تجارب شخصية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق